لماذا يظل الذكاء الاصطناعي عاجزًا عن استبدال الخبراء في دراسات الجدوى؟
في عصر الثورة التكنولوجية، أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) أداة رئيسية في تحليل البيانات واتخاذ القرارات. لكن رغم تطوره المذهل، تظل دراسات الجدوى الدقيقة مجالًا يعتمد بشكل أساسي على الخبراء البشريين. فما أسباب عجز الذكاء الاصطناعي عن منافسة البشر في هذا المجال؟ ولماذا تظل الاستشارات البشرية ضرورة لا غنى عنها؟
—
- الذكاء الاصطناعي يفتقد فهم السياق الإنساني
الذكاء الاصطناعي قادر على معالجة كميات هائلة من البيانات بسرعة، لكنه يفتقد إلى فهم العوامل الثقافية والاجتماعية والنفسية التي تؤثر على نجاح المشاريع.
– مثال: عند دراسة جدوى مشروع مطعم في منطقة تقليدية، قد يحلل الـ AI معدلات الإقبال بناءً على بيانات سابقة، لكنه لن يفهم أن سكان المنطقة يفضلون الأطباق المحلية على الأجنبية. هنا، تدخل الخبرة البشرية لتفسير العادات والتقاليد.
—
- عدم القدرة على توقع المخاطر غير مسجلة
يعتمد الذكاء الاصطناعي على البيانات التاريخية للتنبؤ بالمستقبل، لكنه يعجز عن توقع المخاطر التي لم تُسجَّل في السابق، مثل:
– تغيرات سياسية مفاجئة.
– كوارث طبيعية أو أزمات صحية (كجائحة كورونا).
– تحركات غير متوقعة من المنافسين.
الخبراء البشريون يستخدمون الحدس و الخبرة لبناء سيناريوهات مرنة، حتى مع غياب البيانات.
—
- غياب الإبداع والتفكير النقدي
دراسات الجدوى الناجحة تحتاج إلى حلول إبداعية للتحديات المعقدة، وهو ما لا يستطيع الذكاء الاصطناعي تقديمه.
– مثال: إذا واجه مشروع ما مشكلة في تمويله، قد يقترح الـ AI خفض التكاليف، لكن خبيرًا بشريًا قد يجد حلولًا مثل:
– شراكات إستراتيجية.
– نماذج تمويل جماعي (Crowdfunding).
– تحويل المشروع إلى خدمة اشتراك (Subscription Model).
—
- تحيُّز البيانات والنتائج الخاطىء
جودة تحليلات الذكاء الاصطناعي تعتمد كليًا على جودة البيانات المُدخلة. إذا كانت البيانات ناقصة أو متحيزة، ستكون التوصيات خاطئة.
- مثال: لو درَّبنا نموذجًا على بيانات مشاريع ناجحة في مدن كبرى فقط، قد يفشل في تقييم مشروع ريفي بسبب اختلاف الظروف. الخبراء البشريون يفحصون البيانات ويعدلون النتائج بناءً على الدراسة الميدانية.
—
- التعامل مع المشاريع الفريدة أو الابتكارية
المشاريع التي تقدم أفكارًا غير تقليدية (مشاريع فنية، تطبيقات ذكاء اصطناعي مبتكرة) تحتاج إلى تحليل يتجاوز الأنماط التاريخية.
– مثال: دراسة جدوى لمنصة تعتمد على تقنية الميتافيرس ستتطلب فهمًا عميقًا لسلوك المستخدمين في العالم الافتراضي، وهو ما يصعب على الذكاء الاصطناعي استنتاجه دون توجيه بشري.
—
متى يكون الذكاء الاصطناعي مفيدًا في دراسات الجدوى؟
رغم محدودياته، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون مساعدًا للخبراء في:
– تحليل البيانات الكبيرة (Big Data) بسرعة.
– إجراء حسابات مالية معقدة (مثل صافي القيمة الحالية NPV).
– تقديم تقارير أولية لتوفير الوقت.
—
الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة، وليس بديلًا
الذكاء الاصطناعي (AI) يقدم إمكانات هائلة، لكنه يظل عاجزًا عن استبدال العقل البشري في صناعة القرارات المعقدة. دراسات الجدوى الدقيقة تتطلب مزيجًا من:
– التحليل الآلي للبيانات.
– الخبرة البشرية في تفسير النتائج.
– الإبداع في حل المشكلات.